أقلام مبدعة اضافة رابط يوتيوب نجم الأسبـــوع اضافة خلفية للموضوع إبداعاتِكم قوانين مجتمع غلاك
العودة   مجتمع غلاك > المجلس الأدبي > القصص والروايات والمسرح

القصص والروايات والمسرح قصص, قصص قصيرة, روايات, مسرحية " يمنع المنقول"

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم يوم أمس, 03:39 PM   #1
SaMeH-Des
http://g-lk.com/up/do.php?img=873http://g-lk.com/up/do.php?img=873http://g-lk.com/up/do.php?img=873http://g-lk.com/up/do.php?img=873


الصورة الرمزية SaMeH-Des
SaMeH-Des متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1316
 تاريخ التسجيل :  Aug 2024
 أخر زيارة : اليوم (05:21 AM)
 المشاركات : 1,700 [ + ]
 التقييم :  29538982
 الدولهـ
Egypt
 الجنس ~
Male
 MMS ~
MMS ~
 قـائـمـة الأوسـمـة
تواجد عطر

لوني المفضل : Black
افتراضي رواية قصص بلا عنوان



رواية عنوان

الفصل الأول : طريق إلى المجهول


انتشر الظلام والضباب بطريقة مخيفة في الطريق الصحراوي من القاهرة للإسكندرية ....
حتى أعمدة الإنارة كانت مطفأة ولم يعد قائد السيارة السوداء الضخمة يستطيع أن يرى حتى العلامات الموجودة على الطريق.

توقف علاء غالي غاضبًا متوترًا وهو يصيح بصوت مكتوم:
- "لا حول ولا قوة إلا بالله .. مكانش ناقصني غير دا كمان! مش كفاية يا رب عليّا فرح نادر اللي مش عارف هيعدي عليّا إزاي!"

تنهد بعصبية، فلقد حاول بشتى الطرق أن يأتي مبكرا، لكن العمل اللعين تراكم عليه ولم يستطع السفر سوى الآن.
وها هو في الطريق فقط إكرامًا لوالدته، التي أصرت أن يحضر فرح ابن عمه نادر، رغم أن علاقتهما دائمًا كانت سيئة... كالنار والماء.

ومع تسارع أفكاره، بدأ ماضيه يلاحقه، وخاصة "سالي" ذات العيون العسلية والشعر الأسود... المرأة التي أحبها بصدق، لكنها اختارت نادر!
وما أقسى أن يراها بعد ساعات قليلة زوجة لابن عمه وهو يقف متفرجًا...

وفجأة... وبينما الضباب يزداد كثافة، لمح شبح فتاة يظهر أمام السيارة!
ضغط المكابح بقوة، لكن الاصطدام كان حتميًا... نزل علاء بخوف ليفاجأ بفتاة ممددة على الأسفلت، الدماء تلطخ وجهها، لكنها مازالت على قيد الحياة.

حملها بسرعة إلى السيارة وهو يتمتم بفزع:
- "يا ساتر يا رب... لازم أوصلها المستشفى قبل فوات الأوان!"

لكن أفكاره لم تتركه، هل يذهب بها فعلًا إلى المستشفى، أم يغامر ويصطحبها معه بعيدًا عن الأنظار حتى يطمئن على حالتها؟
الزفاف ينتظره... والقدر يضع أمامه لغزًا جديدًا على الطريق المظلم.

وهكذا وجد نفسه ممزقًا بين الواجب... والمجهول.


=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=

الفصل الثاني : الضيف الغامض


وضع علاء الفتاة في الفراش وهو غاضب، يدور في ذهنه مئات الأسئلة:
- "مين دي؟ جات منين في نص الطريق الصحراوي؟ وليه ظهرِت فجأة قدام العربية؟!"

كان يعرف أن ذهابه بها إلى المستشفى قد يورطه في تحقيقات لا تنتهي، لذلك قرر أن يصطحبها إلى الشاليه الخاص الذي يملكه، بعيدًا عن أعين العائلة وأجواء الفرح.
وقف يتأمل ملامحها البريئة وهي فاقدة الوعي، شعرها الطويل يتناثر على الوسادة، والجرح البسيط يزين وجهها بدماء جافة.

اقترب منها وهمس بقلق:
- "يا ترى إيه قصتك؟ وليه القدر جابك لحد عندي النهاردة بالذات؟"

تأوهت الفتاة فجأة وفتحت عينيها العسليتين للحظة، ثم همست بصوت ضعيف مرتبك:
- "أنا... فين؟!"

شعر علاء بارتباك شديد، حاول أن يهدئها:
- "متقلقيش... إنتي بخير. ارتاحي بس."

لكنها سرعان ما أغلقت عينيها من جديد وسقطت في غيبوبة قصيرة، تاركة علاء غارقًا بين الغموض والقلق.
جلس بجانبها متوترًا، وأمسك رأسه بيديه مفكرًا:
- "هو أنا لسه ناقصني ألغاز؟! فرح نادر، الماضي اللي بيطاردني، ودلوقتي ضيفة مجهولة في حياتي!"

رفع عينيه نحوها وهو يتنهد بمرارة، شاعرًا أن القدر ينسج له طريقًا جديدًا لا يعرف نهايته.

لكن... من تكون هذه الفتاة؟ وما الذي يخفيه ظهورها في هذا التوقيت بالذات؟!


=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=

الفصل الثالث : ظلال الماضي


وقف علاء أمام مرآة غرفته في بيت العائلة، يربط ربطة عنقه ببطء.
ملامحه المتعبة عكست ليالي من الصراع الداخلي، ورغم كل محاولاته للتماسك، لم يستطع أن يُخفي عينيه الغارقتين بالحزن.
لقد ترك الفتاة الغامضة في شاليهه وحيدة، مطمئنًا أنها بخير، لكنه لم يتوقف عن التفكير فيها طوال الطريق.

تنفس بعمق وقال لنفسه ساخرًا:
- "هو أنا ناقص وجع دماغ؟! عندي فرح نادر... ولسه مش عارف أتعامل مع وجودها في حياتي."

دخل إلى قاعة الزفاف، الأضواء باهرة، الموسيقى تعلو، والوجوه المبتسمة من حوله تُلقي عليه التحية.
لكنه شعر أن كل العيون تراقبه... همسات العائلة لا تفارقه:
"شوفوا... هو جاي متأخر كالعادة."
"إزاي يقدر يضحك وهو شايف سالي دلوقتي عروسة غيره؟"

التفتت عيناه إلى المسرح... هناك كانت سالي، ترتدي فستانًا أبيض يخطف الأنفاس.
جمالها زاده بريقًا غريبًا هذه الليلة، كأنها قمر محاط بالأنوار.
أحس قلبه ينقبض وهو يراها تبتسم لنادر، ابتسامة كان يتمنى أن تكون من نصيبه.

حاول أن يبتسم أمام الآخرين، لكنه داخليًا كان يحترق.
جلس بجوار والدته التي همست له بفرحة:
- "شوف يا علاء... نادر وسالي شكلهم زي القمر، ربنا يسعدهم يا بني."

أومأ برأسه فقط، محاولًا أن يخفي غضبه، وهو يتذكر تلك اللحظات التي جمعته بسالي.
كل كلمة، كل نظرة، كل وعد صامت بينهما... صار الآن مجرد ظل من الماضي.

لكن عقله رفض الاستسلام، فقد قفزت صورة الفتاة الغامضة إلى ذهنه.
من تكون؟ لماذا ظهرت في حياته بهذه الطريقة؟
هل هي مجرد صدفة؟ أم أن القدر يحاول أن يكتب له قصة جديدة؟

رفع نظره إلى سالي مرة أخيرة، ثم همس لنفسه بمرارة:
- "يمكن اللي بينّا انتهى... لكن الظلال عمرها ما بتموت."

هكذا وجد علاء نفسه ممزقًا بين نار الماضي... ولغز المستقبل.


=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=

الفصل الرابع : بين نارين


لم يكن علاء يملك ترف النوم تلك الليلة.
عاد من فرح نادر منهكًا، لكنه ما إن دخل إلى شاليهه حتى فوجئ بالفتاة الغامضة جالسة على الأريكة، تستند برأسها إلى الوسادة، تحدق في الفراغ بعينين زجاجيتين.

ارتبك للحظة قبل أن يقول بصوت هادئ:
- "إيه اللي صحّاك؟ المفروض ترتاحي."

رفعت رأسها ببطء، ثم تمتمت بصوت متقطع:
- "أنا... مش فاكرة حاجة... لا اسمي... ولا أنا جيت هنا إزاي."

نظر إليها علاء بدهشة، قلبه انقبض من وقع كلماتها.
فقدان ذاكرة؟ أم أنها تخفي شيئًا؟
جلس أمامها محاولًا أن يبدو مطمئنًا:
- "إهدي... أهم حاجة إنك بخير. مع الوقت كل حاجة هترجعلك."

لكن داخله كان يغلي.
كيف يخبر العائلة عن وجود فتاة مجهولة في بيته؟
كيف يشرح للشرطة حادثًا غريبًا وسط الضباب؟
وكيف يوازن بين صور سالي العروس، وهذه الفتاة التي اقتحمت حياته بلا استئذان؟

قام من مكانه وهو يدور في الغرفة، يحدث نفسه بعصبية:
- "أنا في ورطة كبيرة... لو سبتها ممكن يجرالها حاجة، ولو فضلت عندي الناس هتسأل. أنا بين نارين...!"

رفعت الفتاة نظرها إليه بخوف وقالت:
- "أنت مش هتسيبني... صح؟"

تجمد علاء في مكانه، شعر للحظة أن القدر يلعب به لعبة أكبر من طاقته.
اقترب منها ببطء، وقال بصوت غريب امتزج فيه الحنان بالغضب:
- "لأ... مش هسيبك. بس لازم أعرف... إنتي مين؟!"

لكنها لم تُجب.
واكتفى هو بالنظر إلى عينيها العميقتين، مدركًا أن حياته لن تعود كما كانت أبدًا.

بين نار الماضي... ونار الغموض الذي يقترب، علاء محاصر بلا مفر.


=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=

الفصل الخامس : يد من الظلال


جلس علاء في الشرفة، الليل يلف المكان بضباب كثيف، والبحر يهمس بأمواجه البعيدة.
لم يستطع عقله أن يهدأ، كلما تذكر عيني الفتاة الغامضة شعر أنه يغرق أكثر فأكثر في دوامة مظلمة.

فجأة، سمع حركة خفيفة خلفه.
التفت ليجدها واقفة عند باب الشرفة، شعرها يتطاير مع نسمة الليل، وعينيها تلمعان كمن يخرج من حلم بعيد.

قال بقلق:
- "لازم ترتاحي... لسه مش في حالة كويسة."

اقتربت منه خطوة، ثم همست بصوت مرتجف:
- "أنا... افتكرت حاجة."

تجمد في مكانه، قلبه بدأ يخفق بعنف.
اقترب أكثر وسألها:
- "إيه اللي افتكرتيه؟ قولي!"

وضعت يدها على رأسها كأنها تحاول الإمساك بخيط ضعيف في ذاكرتها، ثم نطقت بكلمات مبعثرة:
- "الدم... الضباب... وصوت بيناديني باسمي..."

اقترب منها علاء أكثر، أمسك بكتفيها برفق وقال بحدة:
- "اسمك إيه؟ حد كان معاكي؟!"

أغمضت عينيها فجأة، وصرخت بصوت مخنوق:
- "حد... شدني من الطريق... إيد سودة... إيد من الظلال!"

تراجع علاء بدهشة، شعر بقشعريرة تسري في جسده.
هل هي تهذي؟ أم أن ما تراه حقيقي؟
حاول تهدئتها، لكنه لم يستطع أن يتجاهل الخوف الذي زرعته كلماتها في قلبه.

جلس بعدها وهو يدفن وجهه بين يديه، يهمس لنفسه:
- "إيه اللي بيحصل؟! هي جتلي صدفة... ولا حد بيلعب بيا من ورا الستار؟!"

رفع نظره إليها، فوجدها تحدق فيه بنظرة غريبة... مزيج من الرجاء والتحذير.

هل كانت الفتاة ضحية قدر أعمى... أم مفتاحًا ليد من الظلال تحاول أن تمسك بحياته؟


=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=

الفصل السادس : أسرار على حافة الصمت


لم يذق علاء طعم النوم، ظل يتقلب في فراشه حتى طلوع الفجر.
كلما أغمض عينيه رأى مشهد الفتاة وهي تصرخ: "إيد من الظلال!"
هل هو مجرد هذيان؟ أم مفتاح لسر أكبر يحيط بها؟

مع أول ضوء صباح، قرر أن يبدأ رحلة البحث.
تركها نائمة في الشاليه، واتجه إلى السيارة متجهّم الملامح، يقوده فضوله وخوفه في آن واحد.
قاد إلى أقرب محطة وقود وسأل العامل هناك:
- "معلش يا عم، امبارح بالليل... شوفتوا حادث أو حد تاه في الطريق؟"

هز الرجل رأسه قائلاً:
- "لا يا باشمهندس... الطريق كان فاضي تمام، حتى العربيات قليلة جدًا."

زادت حيرة علاء. كيف ظهرت إذن؟ كأنها خرجت من العدم!
عاد أدراجه وهو يفكر:
- "لازم أعرف هي مين... وإيه اللي مخبيّه."

عند عودته، وجدها جالسة على الأرض بجوار النافذة، بين يديها سلسلة فضية صغيرة، تتأملها بتركيز شديد.
اقترب منها ببطء وقال:
- "دي سلسلتك؟"

رفعت نظرها إليه ببطء، كأنها انتبهت لوجوده بعد غياب، ثم همست:
- "أيوة... هي الحاجة الوحيدة اللي لقيتها معايا."

أخذها علاء بين يديه، تأمل النقش الدقيق على ظهرها... كان هناك حرفان متداخلان، لا يعرف إن كانا اسمًا أو رمزًا.

عاد يسألها:
- "طب إيه معنى الحروف دي؟ بتفكري في مين لما تبصي للسلسلة؟"

أطرقت برأسها ثم همست وكأنها تخاطب نفسها:
- "كل اللي فاكرته... إني كنت بجري... وكان في صوت بيناديني... وبعدين سكت كل حاجة."

جلس علاء أمامها، شعر أن الحقيقة أقرب من أي وقت مضى، لكنها لا تزال تختبئ على حافة الصمت.

رفع السلسلة أمام عينيه وقال بحزم:
- "هبدأ من هنا... حتى لو اضطرّيت أفتح أبواب الماضي كلها."

لكن... أي أسرار قد تكشفها تلك السلسلة؟ وهل سيكون علاء مستعدًا لمواجهة الحقيقة؟


=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=

الفصل السابع : عاصفة الحقيقة


كان علاء يقلب السلسلة بين يديه ليلًا ونهارًا، وكأنها بوصلته الوحيدة في هذا البحر المظلم.
كلما تأمل الحروف المنقوشة عليها، ازدادت قناعته أن ما يحدث ليس صدفة.

قرر أن يعرضها على صديقه القديم الدكتور سامر، أستاذ التاريخ والرموز في الجامعة.
استقبله سامر بابتسامة سريعة، لكن حين وقعت عيناه على السلسلة، تغير وجهه تمامًا.
قال بجدية:
- "علاء... انت متأكد إن دي لقيتها مع البنت؟"

أجابه علاء بقلق:
- "أيوة... ليه؟ تعرفها؟"

ابتسم سامر ابتسامة غامضة ثم قال:
- "الرمز ده مش مجرد حروف... دي علامة قديمة جدًا، كانت بتخص عيلة كبيرة في المدينة، اختفوا من زمان بعد حادث مأساوي."

تجمد علاء في مكانه:
- "عيلة؟! تقصد إن البنت دي... ممكن تكون واحدة منهم؟!"

أطرق سامر رأسه وقال بهدوء:
- "مش عايز أسبق الأحداث... بس لو استنتاجي صح، وجودها في حياتك مش مجرد صدفة."

عاد علاء إلى الشاليه وهو يشعر أن كل خطوة تقوده إلى إعصار قادم.
دخل ليجدها واقفة أمام المرآة، تحدق في انعكاسها بعينين دامعتين.
اقترب منها وهمس:
- "لقيت حاجة عن السلسلة... بس محتاج وقت عشان أتأكد."

التفتت إليه ببطء، وفي صوتها رعشة:
- "أنا... بدأت أفتكر... في بيت قديم... ونار... وصوت بيصرخ باسمي."

قبل أن يسألها، انقطع التيار الكهربائي فجأة، وغطى المكان ظلام دامس.
دوّى الرعد في السماء، وبدأ المطر يهطل بعنف.
أمسك علاء بيدها بقوة، شعر أنها ترتجف كأن الماضي كله عاد ليحاصرها في تلك اللحظة.

وبين صرخات الرعد، همست بصوت بالكاد يُسمع:
- "اسمي... مش زي ما بتظن... الحقيقة جاية... زي العاصفة."

في تلك الليلة... لم يكن علاء يعرف أن الحقيقة التي بحث عنها ستسقط فوقه كعاصفة لا ترحم.


=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=

الفصل الثامن : بين النار والرماد


لم ينم علاء تلك الليلة. ظل جالسًا بجوارها، يراقب ملامحها المتوترة في الظلام، يتأمل ارتجاف أنفاسها وكأنها تطاردها أشباح لا يراها سواها.

مع أول خيوط الصباح، أيقظته على صوتها وهي تهمس:
- "علاء... أنا شُفت كابوس... بس حقيقي جدًا."

جلس بجوارها بقلق:
- "قوليلهولي."

أمسكت رأسها بكلتا يديها وكأنها تخشى أن يتسرب الألم من بين أصابعها، ثم قالت بصوت متقطع:
- "كنت واقفة في بيت قديم... النيران مولعة في كل مكان... وفي وسط الدخان شُفت وشوش... وشخص وقع على الأرض قدامي."

ازداد قلبه خفقانًا، فسألها بسرعة:
- "وشوش مين؟ تعرفيهم؟"

أجهشت بالبكاء:
- "مش متأكدة... بس كان في واحدة ست بتصرخ... وبتنده اسمي!"

صمت علاء، عقله يغلي بالأسئلة. تذكر كلام صديقه سامر عن العائلة القديمة التي اختفت بعد حادث مأساوي.
هل يكون الكابوس انعكاسًا لتلك الحادثة؟

قرر أن يأخذها في جولة بالسيارة لعل الطرق والأماكن توقظ ذاكرتها.
وبينما كانا يسيران عبر ضاحية قديمة على أطراف المدينة، توقفت فجأة وأمسكت بذراعه بشدة:
- "هنا! المكان ده... أنا عرفاه!"

نظر علاء إلى الطريق الترابي المظلم المؤدي إلى منزل شبه مهجور، جدرانه متصدعة وكأن النار قد التهمته يومًا ما.
شعر بقشعريرة تسري في جسده وهو يقول لنفسه:
- "النار... والرماد... كل ده مش صدفة."

اقترب منها وقال بهدوء:
- "لازم نعرف الحقيقة... حتى لو كانت مؤلمة."

رفعت رأسها نحوه، وعيناها تحملان مزيجًا من الخوف والرجاء، ثم همست:
- "يمكن النار دي خدت مني كل حاجة... لكن الرماد لسه مخبي السر."

وهكذا وقف علاء والفتاة أمام أطلال الماضي... بين النار والرماد، على أعتاب الحقيقة التي بدأت أخيرًا تكشف أنيابها.


=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=

الفصل التاسع : البيت الذي ابتلع الصرخات


وقف علاء بجوار الفتاة أمام بوابة حديدية صدئة تكاد تتهاوى.
البيت أمامهما بدا كجثة ضخمة تنبض بذكريات ميتة، نوافذه المحطمة تشبه عيونًا تراقبهما، وجدرانه المتفحمة تحكي قصة حريق قديم.

قال علاء بصوت منخفض:
- "هل أنتِ متأكدة إن دا المكان؟"

أشارت برعشة في يدها:
- "أنا... حاسة إن روحي عايشة هنا... وكأنني كنت جزء من هذا البيت."

دفع علاء البوابة بصعوبة، فأصدرت صريرًا مخيفًا ارتد صداه في المكان.
خطواتهما داخل الممر المظلم كانت تتردد كأن البيت كله يستمع.

في الداخل، كان كل شيء مغطى بالغبار والرماد. أثاث محروق، صور عائلية متفحمة بالكاد تظهر منها ملامح الوجوه.
تقدمت الفتاة بخطوات مترددة نحو صورة نصف محترقة معلقة على الجدار، همست وهي تلمسها بأصابع مرتجفة:
- "دي... أمي؟!"

ارتجف قلب علاء وهو يراها تقترب أكثر من الصورة، وكأنها تستعيد جزءًا مفقودًا من حياتها.
وفجأة، سمعا صوت ارتطام من الطابق العلوي... صوت قوي، كأن شيئًا سقط عمدًا.

تجمدت الفتاة مكانها وقالت بخوف:
- "في حد فوق!"

أمسك علاء بذراعها محاولًا تهدئتها:
- "ممكن يكون مجرد هواء... أو حيوان."

لكن نظراته المتوترة فضحت شكوكه.
فالبيت لم يكن خاليًا كما اعتقد.
وفي تلك اللحظة، سمعا صرخة مكتومة تتردد بين الجدران، صرخة حقيقية هزت كيانهما.

نظر إليها علاء بعينين متسعتين وهمس:
- "دا مش بيت مهجور... دا بيت ابتلع الصرخات ولسه بيرجعها!"

وهنا أدركا أن دخولهما لم يكن مجرد بحث عن ذكريات... بل مواجهة مع سرٍّ حيّ، لا يزال يتنفس بين أنقاض البيت.


=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=

الفصل العاشر : أصوات من العدم


سادت لحظة صمت ثقيل بعد الصرخة التي دوّت في أرجاء البيت.
لكن لم يدم الأمر طويلاً، إذ بدأ صوت غريب يتردد من الطابق العلوي... خليط بين بكاء مكتوم، وأنين متقطع، كأن الأرواح نفسها تتحدث.

اقترب علاء من السلم الخشبي المتهالك، نظر إلى الفتاة وقال:
- "استني هنا... أنا هاطلع أشوف."

أمسكت بذراعه بقوة، عيناها ممتلئتان بالذعر:
- "لا تسيبني... لو في حاجة فوق، نواجهها سوا."

تردد لحظة، ثم أومأ برأسه موافقًا.
صعدا السلم بخطوات بطيئة، ومع كل درجة يعلو الصوت أكثر، يتحول إلى كلمات مبعثرة...
"ارجع... الحق... الدم... النار..."

توقف علاء عند باب غرفة شبه محطمة، دفعه ببطء، فظهر لهما مشهد غريب:
غرفة محترقة، جدرانها مسوّدة، وفي المنتصف كرسي قديم يتأرجح وحده، يصدر صريرًا مزعجًا مع كل حركة، رغم أن النوافذ مغلقة ولا هواء يدخل.

شهقت الفتاة وهي تشير إلى ركن مظلم:
- "علاء... بص هناك!"

تتبّع نظرها، فشاهد كتابًا قديمًا محترق الأطراف ملقى على الأرض.
اقترب منه بحذر، وحين مد يده ليلتقطه... دوّى الصوت فجأة في الغرفة بصوت امرأة حاد:
"سيبوا البيت... سيبوااااا!"

اهتزت الجدران للحظة، وتساقط بعض الغبار من السقف.
تراجعت الفتاة للخلف ترتجف، بينما علاء شد قبضته على الكتاب وأعلن بحزم:
- "لأ... مش هنمشي قبل ما نعرف إيه اللي بيحصل."

وهكذا تحوّل البيت من مكان مهجور إلى ساحة مواجهة مع أصوات من العدم... أصوات تحمل رسالة غامضة، وأسرارًا دفينة لن تكشف إلا بالثمن.

الموضوع الأصلي: رواية قصص بلا عنوان || الكاتب: SaMeH-Des || المصدر: مجتمع غلاك

ما نتميز به

تصميم،شروحات،دروس،فنون،دورات،شعر،خواطر،افكار،غلاك،استايلات،مسابقات



v,hdm rww fgh uk,hk hgl[i,g hgH,g hgtwg 'vdr



 
 توقيع : SaMeH-Des



رد مع اقتباس
قديم يوم أمس, 08:01 PM   #2
SaMeH-Des
http://g-lk.com/up/do.php?img=873http://g-lk.com/up/do.php?img=873http://g-lk.com/up/do.php?img=873http://g-lk.com/up/do.php?img=873


الصورة الرمزية SaMeH-Des
SaMeH-Des متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1316
 تاريخ التسجيل :  Aug 2024
 أخر زيارة : اليوم (05:21 AM)
 المشاركات : 1,700 [ + ]
 التقييم :  29538982
 الدولهـ
Egypt
 الجنس ~
Male
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Black
افتراضي رد: رواية قصص بلا عنوان



الفصل الحادي عشر : الكتاب المحترق


جلس علاء على الأرض الخشبية المتفحمة، والفتاة بجواره، بينما كان يقلب بين صفحات الكتاب الذي أكلت أطرافه النار.
كانت الصفحات متسخة، بعضها ملتصق ببقايا الرماد، لكن كلمات قليلة لا تزال واضحة... كلمات تحمل وجعًا وحكايات دفنتها النيران.

قرأ بصوت مسموع:
- "اليوم... عاد الكابوس مجددًا. الأصوات لا تفارق البيت. يقولون إن الحريق لم يكن صدفة... وإن من أشعل النار ما زال بيننا."

ارتجفت الفتاة وقالت وهي تمسك بيد علاء:
- "الحريق... يعني أنا كنت هنا وقتها؟!"

تجاهل سؤاله للحظة وهو يتابع قراءة سطور أخرى، بالكاد استطاع تمييزها:
- "هي... الصغيرة... لازم نحميها مهما كان الثمن. لو عرفوا إنها نجت... كل شيء سينتهي."

رفع علاء عينيه نحوها ببطء، قلبه يخفق بجنون:
- "الصغيرة... ممكن يكونوا يقصدوا إنتِ!"

أطرقت رأسها وهي تضغط على صدغيها:
- "أنا... أنا مش فاكرة! بس قلبي بيقول إن الكلام ده عني!"

قبل أن يجيبها، سقطت ورقة محترقة من وسط الكتاب. التقطها علاء بسرعة، وجد عليها رسمة لطفلة صغيرة ذات شعر أسود طويل وعيون واسعة، وإلى جوارها كلمة واحدة بخط مرتعش:
"سلمى".

شهقت الفتاة وكأن شيئًا اخترق ذاكرتها للحظة، ثم همست بصوت متقطع:
- "سلمى... دا اسمي؟!"

دوّى صوت فجائي في الغرفة، هذه المرة أقوى من أي مرة سابقة:
- "إرجعوااا... الكتاب مش ليكم!"

اهتز المكان بعنف حتى كاد السقف أن يسقط، فضم علاء الكتاب إلى صدره وهو يصرّ بعزم:
- "الكتاب ده هو المفتاح... وأنا مش هسيبه."

وبينما تهاوت أنقاض صغيرة من السقف، أدرك علاء أن هذا الكتاب ليس مجرد أثر من الماضي... بل بوابة لحقيقة غامضة ستغيّر كل شيء.


=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=

الفصل الثاني عشر : الاسم الذي عاد من الرماد


كانت الكلمة ترتجف فوق شفتيها: "سلمى".
لم تبدُ مجرد اسم، بل كجرس قديم يطرق أبواب ذاكرتها المغلقة.

وضعت يدها على صدرها وهي تهمس:
- "أنا... سلمى؟ كنت فاكرة نفسي غريبة عن كل شيء... لكن الاسم ده بيرن جوايا وكأنه بيصحيني من موت طويل."

اقترب علاء منها، وضع يده على كتفها وقال بحزم:
- "دا مش مجرد صدفة... الكتاب، الصورة، والاسم... كله بيأكد إنك من البيت ده. لازم نكمل للآخر."

أمسكت الصفحة المحترقة بيد مرتجفة، وبينما تحدق في الرسمة، انهمرت صور متقطعة في رأسها:
- طفلة تجري في ممر طويل.
- امرأة تصرخ وتنادي اسمها.
- لهب يشتعل ويغطي الأبواب.
- يد تسحبها بعنف للخارج ثم... ظلام.

صرخت فجأة وهي تسقط على ركبتيها:
- "أنا شُفتها! الحريقة... أنا كنت جوه البيت وقتها!"

ركع علاء بجوارها، ممسكًا بيدها بقوة:
- "يبقى كل حاجة اتكتب هنا عنك. كنتي الصغيرة اللي نجت، واللي حاولوا يخفوها عن العيون."

رفعت وجهها المبلل بالدموع نحوه، عيناها مشتعلة بمزيج من الخوف والإصرار:
- "بس ليه؟ ليه يخفوني؟ وليه حسيت طول عمري إني تايهة؟"

لم يجد علاء إجابة، لكنه شد قبضته على الكتاب المحترق، كأنه يعلن التحدي:
- "هنعرف... حتى لو كان الرماد نفسه بيحاول يخبي الحقيقة."

في تلك اللحظة، هبّت ريح غريبة من نافذة مكسورة، حملت معها رمادًا متطايرًا كأن البيت يستجيب لكلامهما.
ووسط الرماد، سمعا معًا همسًا خافتًا يردد:
- "سلمى... عودي..."

وهكذا، عاد الاسم من الرماد، ليوقظ سلمى من غفوتها الطويلة، ويقودها نحو مواجهة قادمة مع ماضي لم يعد يقبل الاختباء.


=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=

الفصل الثالث عشر : أبواب لا تُفتح


بعد أن نطق البيت باسمها، شعرت سلمى وكأن الجدران نفسها تناديها.
قادت علاء عبر ممر طويل مظلم، نهايته صف من الأبواب القديمة المتهالكة.
كانت الأبواب خشبية سميكة، أقفالها صدئة، لكن الغريب أن كل باب بدا وكأنه يحرس سرًا حيًّا لا يريد أن يُكتشف.

اقترب علاء من الباب الأول، مد يده إلى المقبض فصرّ الحديد بحدة، لكنه لم يتحرك.
جرب الباب الثاني، ثم الثالث... كلها مغلقة بإحكام.

قالت سلمى بصوت خافت:
- "مش عايزة تتفتح... كأنها بتصدنا."

أخذ علاء نفسًا عميقًا وهو يتأمل الأقفال:
- "لازم في سبب. الأبواب دي مش مجرد خشب... دي متعمدة تكون مقفولة."

وقفت سلمى أمام أحد الأبواب، وضعت كفها على خشبه البارد، وفجأة غمرتها رعشة قوية جعلتها تتراجع.
همست بصوت مرتجف:
- "ورا الباب ده... في حاجة عايزة تخرج."

تبادلا نظرات سريعة، وقرر علاء أن يحاول كسر القفل بقطعة حديد مهترئة كانت ملقاة في الأرض.
لكن قبل أن يلمس القفل، دوّى صوت جهوري في الممر:
"لا تفتحوها..."

ارتجفت الجدران، وانطفأ الضوء الخافت القادم من النافذة فجأة، ليغرق الممر في عتمة خانقة.
تشبثت سلمى بذراعه وهي تصرخ:
- "علاء! الأبواب مش عايزة تتفتح... مش عايزة!"

ومع ذلك، كان في عينيه إصرار لا يلين، كأنه يقف على حافة اكتشاف مصيري.
رفع القطعة الحديدية، ثم قال بحزم:
- "الأسرار اللي ورا الأبواب دي هي اللي هتحسم الحكاية... ولازم نعرف."

وهكذا، وجدا نفسيهما أمام أبواب لا تُفتح... أبواب ليست مجرد مداخل لغرف، بل مفاتيح لقدر مجهول ينتظرهما في قلب البيت.


=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=

الفصل الرابع عشر : الصوت خلف الجدار

[justify]
جلس علاء وسلمى على الأرض بعد أن أرهقهما البحث عن مفتاح أو وسيلة لكسر تلك الأبواب.
لكن بينما كان الصمت يخيّم على الممر، دوّى فجأة صوت خافت، كأنه همس يتسرب من داخل الجدار نفسه.

ارتجفت سلمى وهي تلتفت حولها:
- "سمعت؟ في صوت... كأنه بيهمس باسمي!"

اقترب علاء من الحائط المتهالك، وضع أذنه عليه، فسمع بوضوح أنفاسًا ثقيلة تتخلل بين الشقوق.
ثم جاء الصوت، أجش، مبحوح، لكنه واضح:
"ارجعوا... قبل ما يكون متأخر."

ضغط علاء قبضته على الجدار وهو يرد بعناد:
- "مين أنت؟! ليه مستخبي؟ وليه الأبواب دي مش عايزة تتفتح؟"

لكن بدلًا من الرد، جاء صوت آخر، هذه المرة أقرب وأشد رعبًا:
"الأبواب مش عايزة تتفتح... لأنها بتحب اللي جوّا يفضل جوّا!"

شهقت سلمى وتراجعت للخلف حتى كادت تسقط، بينما بدأ الجدار نفسه يهتز كأنه حيّ.
شقوق طويلة ظهرت فجأة على سطحه، ومن داخلها انبعث نور باهت أشبه بوميض نار خامدة.

اقترب علاء أكثر رغم صرخات سلمى التي توسلت إليه أن يتراجع.
مد يده ولمس الحائط... وفجأة انغمس كفه داخله كأنه جدار من دخان.

قال بصوت مرتجف لكنه متمسك:
- "الجدار مش جدار... ده باب مخفي."

انكمشت سلمى خلفه، بينما عاد الصوت يصرخ هذه المرة بعنف:
"لو فتحتوه... هتسمعوا كل الصرخات اللي ابتلعها البيت!"

وهنا أدرك الاثنان أن الجدار يخفي ما هو أخطر من مجرد غرفة، إنه يخفي ذاكرة حيّة... وصوتًا ينتظر أن يطلق قيوده.
]

=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=

الفصل الخامس عشر : غرفة الصدى


حين مدّ علاء يده إلى داخل الجدار، انسحبت كتلة الدخان وتفتحت فجوة واسعة أمامهما.
تردّد سلمى قليلًا، لكن إصرار علاء جعلهما يخطوان معًا إلى الداخل.

وجدوا أنفسهم في غرفة مظلمة، لا أثاث فيها ولا نوافذ، فقط جدران عارية متشققة.
لكن الغريب أن كل خطوة يخطونها داخل الغرفة كان يتردد صداها عشرات المرات، كأن المكان يحتفظ بالأصوات ويعيدها مشوهة.

قالت سلمى وهي تتحسس الجدار:
- "الغرفة دي... مش طبيعية. كأنها بتخزن الكلام."

وفجأة تردّد في الغرفة صوت بكاء طفلة صغيرة، رغم أن الغرفة خالية:
"ماما... ماما..."

شهقت سلمى، بينما التصق علاء بالجدار محاولًا تتبع مصدر الصوت.
لكن مع كل محاولة، كان الصدى يتضاعف ويتحول إلى صرخات مكتومة:
"سيبوني... سيبوني!"

ارتجف قلب علاء، فهو يعرف هذا الصوت... لقد سمعه في كوابيسه منذ سنوات!

قال في نفسه:
- "مستحيل... دي نفس الصرخة اللي صحيتني وأنا صغير!"

أما سلمى، فقد غطت أذنيها وهي تصرخ:
- "علاء... المكان ده بيعيد الماضي! دي مش أصوات جديدة، دي ذكريات ميتة!"

توالت الأصوات من كل الجدران: أصوات نساء يصرخن، رجال يتوسلون، وضحكات باردة كأنها تسخر من وجودهما.
كلما حاول علاء الاقتراب من مركز الغرفة، ازداد الصدى حدة حتى أصبح مؤلمًا.

وفجأة سقطت قطعة من السقف، كاشفة عن علامة محفورة على الجدار العلوي، دائرة تتوسطها عين مفتوحة.
ارتجف علاء وهمس:
- "دي... نفس العلامة اللي كانت على الكتاب المحترق."

أدركت سلمى على الفور أن الغرفة ليست مجرد غرفة... إنها خزان الذاكرة السوداء للبيت، المكان الذي لا يترك سرًا إلا ويحوّله إلى صدى خالد.

لكن السؤال الذي بقي بلا إجابة: هل كان البيت يبوح بأسراره... أم كان فقط يُحذرهم من الاقتراب أكثر؟


=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=

الفصل السادس عشر : حين تنكسر المرايا


خرج علاء وسلمى من غرفة الصدى وهما يلهثان، وكأنهما عادا من رحلة عبر الزمن أكثر من كونهما دخلا غرفة مغلقة.
لكن قبل أن يبتعدا عن الممر، لفت انتباههما انعكاس غريب على الجدار المقابل.

لم يكن هناك مرآة في المكان، ومع ذلك، ظهرت صورة ضبابية لوجه علاء، مشوهة، تتشقق مع كل نفس يخرجه.
مد يده ليلمسها، فانكسرت الصورة فجأة لتسقط شظايا زجاجية على الأرض.

شهقت سلمى:
- "مافيش مرايا هنا... جت منين دي؟!"

لكن ما لبثت أن ظهرت مرآة أخرى على الجدار الآخر، هذه المرة تعكس وجه سلمى وهي تبتسم ابتسامة لم تفعلها قط.
ارتجف جسدها وهي تصرخ:
- "دي مش أنا! دي مش أنا!"

انهالت المرايا فجأة على طول الممر، عشرات المرايا متتابعة، كل واحدة تعكس مشهدًا مختلفًا:
- علاء وهو يركض طفلًا باكيًا.
- سلمى وهي تُدفن في ظلام لا نهائي.
- رجل غريب يراقبهما من خلف ستار.

كل مرآة كانت تنكسر وحدها بصوت مدوٍ، والزجاج المتناثر يتحول إلى دخان أسود يتصاعد نحو السقف.

أمسك علاء بيد سلمى وهو يصرخ:
- "دي مش مجرد مرايا... دي الحقيقة اللي البيت عايزنا نشوفها!"

اقتربا من المرآة الأخيرة، التي كانت أكبرها وأشدها وضوحًا.
فيها رأيا نفسيهما واقفين أمام باب خشبي ضخم، لم يرياه من قبل في البيت.
لكن قبل أن يلمسا الانعكاس، تشققت المرآة بقوة وانفجرت، مغطية الممر بظلام دامس.

في وسط الظلام، دوّى صوت غامض:
"حين تنكسر المرايا... لا يبقى إلا الوجه الحقيقي."

وكان السؤال المرعب: هل هما مستعدان فعلًا لمواجهة وجهيهما الحقيقيين؟


=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=

الفصل السابع عشر : الممر الأخير


كان الظلام الذي ابتلع المرايا ينسحب ببطء، كأنه كائن حي يفتح الطريق أمام علاء وسلمى.
لكن ما انقشع الغبار، حتى وجدا نفسيهما في ممر طويل، جدرانه حجرية باردة، مرسومة عليها رموز محفورة تشبه طلاسم قديمة.

لم يكن في الممر أبواب، ولا نوافذ، ولا أي منفذ سوى السير للأمام.
شعرا كأن البيت كله يدفعهما دفعًا إلى هذا المكان، حيث لا عودة.

خطت سلمى خطوة أولى، فارتجفت الجدران حولها، لتظهر أشكال أشبه بوجوه باكية، تفتح أفواهها دون صوت.
تمسكت بذراع علاء وهي تهمس بخوف:
- "دي مش وجوه... دي صرخات محبوسة!"

رد علاء وهو يحاول الثبات:
- "يبقى لازم نكمل... الممر دا هو اللي البيت عايز يوصلنا له."

ومع كل خطوة، كان الممر يضيق شيئًا فشيئًا.
الجدران تتقارب، والهواء يثقل، حتى صار التنفس صعبًا.
وفجأة ظهر في الأرض خط أحمر ممتد من بدايته حتى نهايته، ينبض كأنه شريان حي.

قالت سلمى مرتجفة:
- "إيه دا؟... دم؟!"

وقبل أن يجيبها علاء، انبعث من نهاية الممر ضوء أبيض شديد، يسطع ثم يخفت، كأنه يختبر صبرهما.
اقتربا منه بحذر، وكلما تقدما، ازداد الضوء قوة، حتى كشف عن باب معدني ضخم محفور عليه نقش غريب:

"هنا تنتهي الطرق... ومن يعبر، لا يعود."

ابتلع علاء ريقه بصعوبة، وقال بصوت مبحوح:
- "دا هو... الممر الأخير."

وضعت سلمى يدها على الباب، لكنه كان باردًا كالثلج، ومع ذلك اهتز فجأة، وسمعا صريرًا عميقًا كأنه أنين.

فهل سيفتح الباب؟ أم أن الممر الأخير هو قبرهما؟


=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=

الفصل الثامن عشر : الوجه الذي لا يموت


ارتجف الباب المعدني في الممر الأخير، وصريره امتد كأنه نغمة لحن جنائزي.
اندفع الضوء من خلفه بقوة حتى اضطر علاء وسلمى لتغطية وجهيهما بأيديهما.
وحين انفتح، وجدا نفسيهما في قاعة شاسعة، جدرانها مغطاة بمرايا مكسورة، وسقفها يختفي في ظلام لا نهاية له.

في منتصف القاعة كان هناك كرسي حجري ضخم، يجلس عليه كيان غريب مغطى بعباءة سوداء، لا يظهر منه سوى وجه…
لكن لم يكن وجهًا واحدًا، بل وجوه كثيرة تتبدل بسرعة، وجوه رجال ونساء وأطفال، بعضها يضحك وبعضها يبكي، وبعضها يصرخ.

شهقت سلمى:
- "يا إلهي… دا هو! دا هو السبب في كل اللي حصل!"

رفع الكيان رأسه ببطء، وتجمّد الهواء من حولهما، ثم خرج صوته العميق:
"أنا الوجه الذي لا يموت… أنا صرخات البيت، وذكرياته، وأحزانه."

اقترب علاء خطوة، رغم رجفة جسده، وقال متحديًا:
- "إنت مين؟! وعايز مننا إيه؟!"

ضحك الكيان، وصدى ضحكته ارتطم بكل جدار، حتى بدت المرايا تهتز:
"أنا ما كنتُ يومًا واحدًا… أنا كل الوجوه التي رفضتم رؤيتها… أنا خيانة الماضي، ودموع الحاضر، وخوف المستقبل."

انحنت سلمى وهي تضع يديها على أذنيها:
- "الأصوات… الأصوات جوه دماغي!"

اقترب الكيان أكثر، فبدأت الملامح على وجهه تستقر على هيئة واحدة…
كان وجه علاء نفسه، لكن بملامح أكثر شحوبًا وعينين تلمعان بلون أسود قاتم.

شهق علاء متراجعًا:
- "مستحيل… دا مش أنا!"

ابتسم الكيان وهو يقول:
"أنا أنت… الجزء اللي هربت منه، اللي دفنته جواك. واللي لازم يخرج… علشان تفضل عايش."

اهتزت الأرض من تحتهما، والمرايا بدأت تسقط واحدة تلو الأخرى، لتكشف عن جدار خلفي مكتوب عليه بدم غامق:

"الوجه لا يموت… إلا إذا مات صاحبه."

فهل ينجو علاء من مواجهة وجهه؟ أم أن النهاية أقرب مما يظن؟


=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=

الفصل التاسع عشر : اللعنة الأخيرة


تزلزلت الأرض تحت قدمي علاء وسلمى، والجدران تناثرت منها المرايا المكسورة حتى تحولت القاعة إلى دوامة من الزجاج المتطاير.
في منتصف هذه الفوضى ظل الوجه الذي لا يموت ثابتًا على كرسيه الحجري، عينيه السوداوين تخترقان روحيهما.

مد يده العظمية إلى الأمام، فاشتعلت الجدران بكلمات محفورة من نار:
"من يدخل البيت… لا يخرج إلا بلعنة."

شهقت سلمى، وهي ترى الدم يسيل من كفها بلا جرح ظاهر:
- "علاء… أنا… أنا مش قادرة أتحمل أكتر!"

أمسك علاء بيدها بقوة، رغم أن جسده يرتعش:
- "استحملي… دي النهاية! لو عديناها… نتحرر!"

ارتفع صوت الكيان:
"لا خلاص بدون ثمن… واحد منكما يجب أن يبقى هنا، أسيرًا للبيت… ليحمل لعنتي."

ساد صمت ثقيل، كأن الأنفاس نفسها توقفت.
نظرت سلمى إلى علاء بعينين دامعتين، بينما انعكس في عينيه صراع عنيف بين التضحية والتمسك بها.

قال علاء بصوت مبحوح:
- "أنا السبب في اللي وصلنا له… اللعنة دي لازم تقع عليا أنا."

صرخت سلمى وهي تهزه بعنف:
- "لأ! مش هسمحلك! البيت عايز يفرقنا… ودي أكبر لعنة فيه!"

ضحك الوجه الذي لا يموت، وضحكته ارتجت في أركان القاعة:
"اختاروا… قبل أن تنغلق الأبواب… ويبتلعكما البيت معًا!"

بدأت القاعة تنهار، والجدران تتشقق لتكشف عن هاوية مظلمة تتسع أكثر فأكثر.
لم يبق أمامهما سوى ثوانٍ، والقرار يجب أن يُحسم الآن…

فمن سيتحمل "اللعنة الأخيرة"؟ ومن سيخرج إلى النور؟


=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=

الفصل العشرون : حين يصمت البيت


تلاشى الضوء الأبيض الذي غمر القاعة، ومعه تلاشت الأصوات والصرخات والظلال.
شعر علاء بيده متشابكة مع يد سلمى، كأنهما يتمسكان بالحياة ذاتها.

وحين فتح عينيه، وجد نفسه واقفًا خارج بوابة البيت.
لكن هذه المرة… لم يكن هناك بيت.
لم يتبقَّ سوى فراغ ممتد، أرض جرداء وسماء صافية كأن شيئًا لم يكن.

سقطت سلمى على ركبتيها وهي تبكي بحرقة، لكن دموعها هذه المرة لم تكن خوفًا، بل راحة عميقة.
جلس علاء بجوارها وهو يهمس:
- "خلصنا… البيت انتهى."

رفعت رأسها تنظر حولها، فلم تجد أثرًا للجدران، ولا الممرات، ولا المرايا.
حتى صدى الأصوات الذي كان يطاردها في رأسها… اختفى.

تنفست بعمق ثم قالت بصوت متهدج:
- "كان كابوس… وربنا صحّانا منه."

ابتسم علاء رغم الإرهاق الذي أنهكه:
- "أيوه… البيت خلاص مات."

وقفا معًا، وتبادلا نظرة طويلة صامتة، نظرة تحمل أن ما جمعهما داخل البيت لن يفرقه شيء خارجه.
ثم سارا مبتعدين عن الأرض الخالية، دون أن يلتفتا إلى الوراء.

وبينما كان الغروب يلوّن السماء باللون الذهبي، شعر كلاهما أن الشمس تشرق عليهما لأول مرة حقًا.

وهكذا… انتهت اللعنة، وصمت البيت إلى الأبد.


 

رد مع اقتباس
قديم اليوم, 10:33 AM   #3
مسترٍيَحٍ آلُبآلُ
http://g-lk.com/up/do.php?img=873http://g-lk.com/up/do.php?img=873http://g-lk.com/up/do.php?img=873http://g-lk.com/up/do.php?img=873http://g-lk.com/up/do.php?img=873


الصورة الرمزية مسترٍيَحٍ آلُبآلُ
مسترٍيَحٍ آلُبآلُ متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 13
 تاريخ التسجيل :  Apr 2020
 أخر زيارة : اليوم (01:25 PM)
 المشاركات : 68,107 [ + ]
 التقييم :  60970233
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Male
 MMS ~
MMS ~
 SMS ~
مۘــھــمۘ ̨ڇۚــدٰ̍ا̍ ּﯡڄۚــﯜدگ ּڣــے ۛ ּٺــڣــٰا̍ڝــﯧْۧــڵــېْۧــ
مۘــھــمۘ ڃۚــدٰ̍ا̍ ּبــأ̍ڠــٰا̍نۨــېْۧ ۏمۘــۄٰا̍ﯡٻۧــڷــۑْۧــ
ــۄڠــٻۧــڔک ּٻۧــٰ̍ا̍ ̨حۡــبــﯧْۧــبــے ۖ مۘــﯡۥ ּمۘــھــمۘ ؏ــٰٱ̍دڀــ
لوني المفضل : Darkblue
افتراضي رد: رواية قصص بلا عنوان



والله يا سامح هذه يبغالها راس شيشه وامخمخ عليها هههه يعطيك العافية


 
 توقيع : مسترٍيَحٍ آلُبآلُ



رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
المجهول, الأول, الفصل, طريق

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 3 ( الأعضاء 0 والزوار 3)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:24 PM

أقسام المنتدى

◀ مجلس التواصل ❛ | الفعاليات والمسابقات | مجتمع المدونين | ◀ المجلس العام ❛ | القسم الإسلامي | القسم العام | مجلس غلاك | ارشيف المواضيع القديمة والمكررة | ◀ مجلس الأسرة والمجتمع ❛ | بيتُ الاسرة | مطبخ حواء للمنقول | عالم أدَم | الملتقى العام لعالم الأسرَة والمجتمع | ◀ الاقسام الزائدة ❛ | القسم الأدبي العام | الخواطر وعذب الحروف | رواق الكتب | ◀ مجلس التقنية ❛ | شروحآت التصميم | أدوات المصمم | رِيشَة مصمم | مشاَكٍل وَحـلوْل | المجلس العام للتقنية | ◀ مكتب الإدارة ❛ | المواضيع المخالفة او المحذوفة | الإشـرَآف | خَـآصُ للإدَآرةُ | الصحف والأخبار | ‏الخَيمة الرَمضآنية | ◀ المجلس الإبداعي ❛ | الألعَآبُ وَ التسَلِيُهَ | روائع الفن التشكيلي والفوتوغرافي | عدسة مبدع | جَاليري غلاكـ للفنون | المجلس الرياضي | عالم السيارات | إبداعات صغيرة | خلفيات حصرية | قسم النقاش | قوانين ، اخبار وترقيات المنتدى | تواصل مع الإدارة | ورَشـةّ تـنّـسيـَق الـمَوآضـيّـعُ | حللتم أهلا ووطئتم سهلا | ◀ مجلس الأنمي ❛ | قسم الأفلام والمسلسلات | الأنمي والمانجا | مدونة مصمم | النصوص الفلسفية والمقالة الأدبية | ◀ مجلس آدم ❛ | ◀ مجلس دورات المنتدى الحصرية ❛ | شرح خصائص المنتدى | مقفل | Foreign Language Forum .. | الشعر الفصيح والنبطي | مطبخي | الشيلات | االـيًـوتـيـوُبِ | جسر التواصل | لـقَـآءُ وَ فـنجآنُ قهوة | ملتقى المصممين | ◀ المجلس الفنّي والترفيهي ❛ | الرســـم | الحَجُ وآلعُمرةَ | إدارة الأقسام والرقابة | ملحقات واستايلات منتدى | خاص | دورة فن الأورجامي والكولينج | دورة الرسم بالرصاص | دورة علم النفس | اليوم الوطني "94" للمملكة العربية السعودية ~ ❀ | المناسبات | مجلة المنتدى | المجلس الأدبي | صرافة بنك هوامير غلاك | التصاميم الدعوية | دورة تعلم فن الخط | تطوير المنتديات | مشاركات المتسابقين ( العام ) | دورة فن الاناقة والجمال | Ask me | TV SHOWS - للمنقول | دورة الرَسِمْ الرقمي ببرنامج sketchbook | دورة مباديء الفوتوشوب | خاص لرآنيا | دورة فن صناعة الشموع | السيرة النبوية | دورات وبرامج دينية مُتجددة | اطلب استشارتك | مرافئ ساكِنة | مشاركات المتسابقين ( الخاص ) | عالم كل انثى | العطور | القصص والروايات والمسرح | عالم السياحة والسفر | عالم الحيوان والنبات | تطبيقات الكمبيوتر والجوال | حصريات المنزل والديكور | محذوفات الصور النسائية | إرشيف الدورات | التواصل الخاص | اعلانات الدورات والورش | دورة أساسيات الإليستريتور ( متوقفة ) | دورة تنسيق المواضيع | قسم الورش القصيرة | ارشيف الإدارة | الفعاليات والمسابقات الرياضية | تحديات المصممين | قسم اللغات الأجنبية | الموسوعة العلمية والثقافية | خاص بصور الأنمي | اليوم العالمي للغة العربية | حصريات الموسوعة العلمية والثقافية | رواق الفكر والأدب | المجلس الثقافي والعلمي | يوم التأسيس |



User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2025 DragonByte Technologies Ltd.
بسرقتك لأفكارنا وجهد اعضاءنا أنت تثبت لنا بأننا الأفضل ..~
This Forum used Arshfny Mod by islam servant