11-05-2023, 04:30 PM | #19 |
|
رد: بلدتي ضاق وجودي بك .
الجزء الرابع
في المصح النفسي بعد عشر دقائق دخل مجموعة من المرضى وكان بعضهم يبدو عليه اختلال توازنه العقلي والجسدي شافهم الله ألتفت بخوف إليهم وأنا أرى نظراتهم لي اقترب مني أحدهم وشدني نحوه ورماني أرضاً : هذا مكاني صمت ولم أجبه وأنا أرى بعض تصرفاته التي توحي بأنه بغير وعي فقد بات يقفز على سريره نظرت إلى الآخرين مجدداً فقد أصبح المكان أكثر ضوضاء فهناك من يتحدث بصوت عالي مع نفسه وهناك من يتشاجر مع وسادته وهناك من يرسم على الجدار بأصبعه بحثت في عيني عن مكان فارغ وما أن وجدته حتى ذهبت إليه وأنا ما بين الخوف والضعف لا أستطيع التحمل وأنا بينهم فأنا مختلف عنهم حتماً دعوت الله أن يفرج همي : من أنت؟ ألتفت ورائي بخوف وإذا به شاب بعمر الثلاثين: أنا آسر : لما أنت هنا؟ : لا أعلم : ألن تجيب على سؤالي : أجبتك فأنا لا أعلم لما أنا هنا بدأ بالصراخ فجأة: أجب على سؤالي ألا تعلم من أنا ومن أكون سأجعلهم يودعونك في السجن سأقتلك بيدي أتت ممرضة وهي تهدئه بكلماتها: هو لا يعلم من أنت سأخبره من أنت حتى يجيب على اسئلتك مجدداً ألتفت إليها وهو غاضب قليلاً عما كان عليه: أخبريه الآن التفتت إليَ الممرضة وهي تبتسم بوجهي: معك العقيد عبد الرحمن ابتسم بفخر وهو يصفق لنفسه وما أن سمعه الآخرين حتى صفقوا معه تركته بعد أن هدأ فوراَ اقتربت مني الممرضة وهي تخبرني بأنه قد فُصل من وظيفته بعد أن أشبع أحداً ضرباً حتى الموت وبعد أن رأوا العدوانية منه وبعد الفحوصات التي أجريت له تبين أنه مصاب بعدوانية مرعية والان له مده هنا وقد بدأ بالتحسن لذا لا خوف منه : إذاً أنت تعلمين بأني لستُ مريضاً مثلهم فلما تتركوني معهم : هكذا جاءنا الأمر فحالتك تحتم بقاؤك هنا : وماهي حالتي ابتسمت وهمت بالابتعاد عني: لا تخف بعد الأدوية والزيارات الأسبوعية للطبيب ستكون بحال أفضل وستخرج كلما كنت متجاوب معنا وذهبت. ألتفت ابحث عن عبد الرحمن فأنا لا ينقصني عناء اختلال توازنه رأيته يقرأ في كتاب وقد هدأ تماماً ألتفت إلى الآخرين وكانوا كما عليه سابقاً استلقيت على سريري وأنا أفكر ما لعمل كيف سأتصرف يبدو أن فارس كان محق هناك من لا يريد خروجي أبداً ولكن من هو؟ وماذا فعلت له؟ بعد مرور الوقت وأنا لا أستطيع التفكير وكل من حولي يشتتون تفكيري فهناك من يرمي عليَ بوسادته وهناك من يقترب مني ويتحدث معي وفجأة يبداُ بالبكاء أو الصراخ أو اختلاق مشكلة لا أعلم كيف بدأت طلبت من الممرضة التي كانت تحقن أحد المرضى بإبرة: أريد سجادة صلاة خرجت وبعد ثواني أتتني بواحدة صليت واستغفرت الله وأنا ادعوا الله أن يخلصني طلبت منها قرآن ولكنها رفضت لأن من حولي ربما يمزقونه تنهدت وحاولت أن اقرأ بعض مما حفظت ولم أكن احفظ إلا القليل والقليل جداً وأنا استغفر الله ذنبي وهجري للقران شهوراً. توالت الأيام عليَ هنا وأنا في كل مرة أطلب منهم الاتصال بالمركز الذي أخذوني منه فلا بد أن أخبر ابن عمي بأني هنا ولكن لا أحد يجيب عليَ أصبحوا لا يعطوني الحبوب بيدي بل يتم حقني بها ليتأكدوا انني لن ارميها بعد أسبوع كامل أتت إليَ الممرضة ورافقتني إلى الدكتورة التي لم أراها أبداً وتعتبر هذه أول زيارة لي معها دخلت وجلست على الكرسي سألتني ما اسمي؟ وبدأت تسأل عن عمري وماذا كان عملي وهي تنظر إليَ تارة وإلى الملف تارة أخرى وكأنها تطابق ما بين ما هو مكتوب وبين ما أقوله .. رفعت نظراتها إليَ وهي تقول: تعلم يا آسر أن أول خطوات العلاج هي الاقتناع الداخلي بأنك تريد العلاج فالعلاج يبدأ من الانسان نفسه أولاً : ولكنني لا أعلم ما بي إلى الآن نظرت إلى الملف مجدداً وهي تتكلم: وهذا هو مرضك أنك لا تعلم ما بك؟ : وأنا بحق لا أعلم ما بي أخبرتها عن تلك الجريمة التي حصلت والتي نُسبت إليَ دون علمي عنها إلى زيارة ابن عمي وإلى حضوري هنا دون سبب مقنع : ولكنك قتلت يا آسر؟ : أنا لم أقتل أحداً الحادثة كما أخبرتكِ بها : حسناً وماذا عن طعنك لصديقك أحمد في السجن؟ صعقت: لم اطعنه أبداً فكيف أطعن صديقي ولما أطعنه : هذا ما أقصده أنت لا تعلم ماهي حالتك : هاتفي المركز واسأليهم عن أحمد هل تم طعنه وأني طعنته هناك أم لا أخبريهم أخرجت ورقة من الملف وهي تريني تقرير المستشفى الذي عالج أحمد وكم كانت أثر الطعنة قوية قليلاً : لم أطعنه : أحمد تكلم وقال إنك من طعنته صرخت وأنا بقمة غضبي فلما تتوالى عليَ المصائب من كل جانب: لم أطعنه ولم ارتكب تلك الجريمة فأنتم ومن هم أكبر منك يريدون أن ينسبوها إليَ وبدأت برمي الأوراق التي كانت على مكتبها: وجميع ما تم تدوينه في تلك الأوراق ماهي إلا أكذوبة اخترعتموها كي لا يكشف ابن عمي ألاعيبكم ولكني لن أسكت عن حقي أتسمعين لن اسكت أبداً مع الصراخ اجتمعوا الممرضات علي وبدأوا بحقني بإبرة لم أشعر بعدها بشيء استيقظت وإذا بي بمكان آخر غير تلك الغرفة التي كنتُ بها فقد كنت وحدي ألتفت على صوت الممرضة وهي تسألني عن حالي الآن وإن كنت اشعر بشيء أم لا لم أجيبها وأنا أتذكر ما حصل آخر مرة سألتها عن الساعة : كم الساعة الآن؟ : السادسة صباحاً ياه كم لي وأنا نائم هنا فأنا أذكر أنه تم ذهابي إلى الدكتورة عند الواحدة ظهراً طلبتُ منها ماءاً شربت قليلاً وأنا اسألها متى سأعود إلى تلك الغرفة الكبيرة أخبرتني أنه غداً سأعود إليهم طلبتُ منها هاتف فأنا أريد الحديث مع ابن عمي فلا بد أن أخبره سأكمل الأسبوع الأول ولم يأتيني منه خبر ولا زيارة ولكنها رفضت وخرجت بعد مرور أسبوعين في اليوم الرابع عشر تماماً وبعد أن أصبح لدي أصدقاء في المشفى ومنهم عبد الرحمن رغم أنه أحياناً تأتيه حالته آنذاك إلا أني أجدت طريقة للتفاهم معه وامتصاص غضبه والذي خلفه رجل صاحب مبدأ وقيم إنسانية تخجلني في رقيه بالتعامل وتعرفت على أبو مشاري فهو في العقد الخمسين ولكنه لا يبدو عليه أي صفات ممن هم في عمره فهو يتمتع بجسد رياضي وصلب وطول فارع ولكن الأحاديث بيننا رسمية إلى حد ما فهو لا يحب الاحتكاك بأحد مشغول بكتبه التي أحياناً أطلب منه بعضها وأيضاً على بدر في عمر العشرينات وضعوه هنا بعد إدمانه للمخدرات للأسف ولكنه لطيف إلى حد ما وضائع فهو كثيراً ما يردد أنه لا أحد له رغم زيارات والديه المتكررة كنت أخاف أن امكث معهم طويلاُ فسرعان ما تعتريهم حالتهم وتتغير نبرات أصواتهم ونظراتهم عدا أبو مشاري فهو الوحيد الذي لا تأتيه أي حالة أبداً ولاحظت على دقته في تناول أدويته وربما هذا ما جعل حالته أقل من البقية ولكن رغم أنه من المفترض أن أكون معه صحبة لأنه الوحيد المشابه لحالتي إلا أنني لا ارتاح له أبداً وهو يبادلني نفس الشعور فكثير من الأوقات تتيح لنا الفرصة الحديث والجلوس سوية إلا أن كلينا يفضل الجلوس وحده. أما حالتي بعد أن هدأت قليلاً أو أوهمتهم بهدوئي واستسلامي لم يعد يعطوني أدويتي بالوريد فقد أصبحت مثل من هم هنا لدي جدول منتظم لتناول الأدوية تأتيني بها الممرضة عند وقتها إلا أنه عند ذهابها اخبئها تحت رتبة السرير إلا أن ما أخافه هو عند نتائج التحاليل أن يتضح لهم عدم تناولي وقتها أين سيذهبون بي يبدو أنهم سيدفنونني تحت التراب ولكن لا أستطيع المخاطرة بنفسي وأنا بدأت تتضح لي نواياهم وأنهم يريدوني بلا عقل وليس لدي حيلة فهنا المراقبة مشددة جداً والدكتور والممرضات دائمي الحضور ولا أعلم ماذا افعل؟ أكثر ما أفكر به غير تفكيري العقيم بجرائمي السابقة والتي لا علم لي بها إلا أن تفكيري بعد أن يتضح لهم عدم تناولي أخذ الحيز الأكبر يا الله كم اشتقت لعبد الكريم وأحمد الذين كذبوا على لسانه بأني من طعنه وهل يعقل؟ فقد كان في أتم صحته عند مغادرتي لا بد أنهم افتقدوني ولا بد أن شجارهم مستمر إلى الآن يبدو أن زنزانتي أرحم عليَ من ذلك المصح. |
|
11-06-2023, 12:55 PM | #20 |
|
رد: بلدتي ضاق وجودي بك .
بلغت بنا قمة التشويق سعود
ولخبطت كل توقعاتنا من خلال الغموض الذي مارسته في هذه الروايه الجميله ننتظر قادمك بشغف |
|
11-06-2023, 04:12 PM | #21 |
|
رد: بلدتي ضاق وجودي بك .
الجزء الخامس
في ذلك اليوم وبعد أن ذهب الجميع إلى التنزه بالفناء المخصص لنا والذي لا أعده ساحة فهو يميل إلى الصغر وربما يعود السبب لقدرتهم على السيطرة علينا. جلست في سريري وبيدي كتاب قد استعرته من أبو مشاري وهو بالمقابل لي على سريره يقرأ ولكن لم تغب عن بالي نظراته الخاطفة لي بين حين وآخر لم أبالي كثيراً ربما يريد التأكد من سلامة كتابه فهو مهوس بأغراضه وعدم العبث فيها ابتسمت لفكرة خطرت ببالي لو أمزق صفحة من كتابه كيف ستكون ردة فعله أكملت ماكنت اقرأه ومع ذلك لم تغيب عن بالي نظراته المتكررة لمحته ينهض من سريره ويقترب مني وهذه المرة الأولى التي يجلس بها على سريري : الا يوجد لديك أهل؟ لا أعلم لما أجبته: لا لا يوجد لدي : هل ستبقى هنا مدة طويلة اعتلاني الاستغراب: وكأن لدي خيار آخر : أنا لا أريد المكوث هنا هل تريد مصاحبتي للخارج ولكن بشرط توفر لي مكان للاختباء بالخارج فهذه المرة الثالثة التي امسكوني بها بالخارج عندما كنت عند اقاربي لم أعد اثق بهم فهم في حال أن ألتهي عنهم أخبروا المصح بأني هنا. : هل تثق بي وأنت لا تعرف حتى اسمي : أعرف ان اسمك آسر ولا يهمني لم أنت هنا أو ما هي حالتك أنا فقط اريد أحداً لا يعرفوه أبداً . : ألا تخاف أن أخبرهم؟ ابتسم: وأنت الا تخاف من نتائج التحاليل التي ستُظهر عدم انتظامك للأدوية وأنهم في حال معرفتهم سيجعلونك تحت غرفة خاصة وستكون الكاميرات في كل اتجاه غير أنهم سيعطونك الأدوية بالوريد أي رغم عنك ستأخذها اندهشت من كلامه فهو كان لا يرفع نظره عن كتابه : أخبرني في حال موافقتك كي نرتب أمر الخروج : ولكن كيف سنخرج ونحن محاطين بالكاميرات الخارجية فقد لمحتها في الفناء الخارجي والممرضات المحاطين بنا غير حارس الأمن في الخارج : لا عليك من كل هذا أنت ان كنت موافق سنخرج بعد غد خفت من ثقته بنفسه والخوف الأكبر أن يكون مرسل ممن حطم حياتي وجعلني هنا وأنهم سيحضرون لي جريمة أخرى وكأنه قرأ افكاري: لا تخف يا آسر فأنا لا أريد إيذائك فقط أريد الخروج من هنا تنهد قليلاً وهو ينظر إلى الشرفة : أخي هو من وضعني هنا بعد أن اكتشفت خيانته مع زوجتي ولكن _ التفت إليَ بابتسامة حزينة_ اسم العائلة كان أكبر من أن يعتذر أو يفضح أمام الملأ وكأني أنا من سببت لهم بالفضيحة وضع بعض من الهيروين في سيارتي وفي ليلة وضحاها كنت في السجن وجلست هناك قرابة الخمس سنوات ألمني كلامه كثيراً: وكيف أتيت إلى هنا : أتيت كي انتقم ففي الخمس السنوات كنت أفكر في الانتقام ولم تكن لدي وسيلة للهروب إلى أن آتي إلى المصح أولاً ربما وقتها أتعرف على أحدهم واتفق معه ع الخروج : وكيف أتيت إلى هنا؟ : قصة طويلة سأخبرك بها حال خروجنا : وكيف يمكنني الثقة بك؟ : لا يوجد لدي غير أنها ستكون حريتك وحريتي وبعدها كل واحد منا سيذهب في طريقه : أنا محكوم عليَ كيف سأخرج سيكون اسمي وصورتي في كل مكان : لا عليك من كل هذا أنا خططت لكل شيء فقط أريد شخص لا أعرفه يأمن لي السكن إلى أن انفذ بقية أموري أخذني الحماس فأنا أريد أن أخرج ولا وقت لدي في التفكير فهم في أي وقت سيكتشفون عدم تناولي للأدوية ومن جهة أخرى أريد أن افهم ما حصل لي ولم حصل كل هذا لي فأنا لا أعداء لدي : حسناً ابتسم: إذا بعد غد سنخرج ذهب على الفور إلى سريره وعاد كما كان أبو مشاري الذي عينيه لا تلتفت إلى شيء آخر غير صفحات كتابه عاد الجميع بعد ساعة قضوها في الفناء في تلك الليلة لم ينتابني النوم أبداً وأنا أفكر كيف سأخرج ومن أين سأبدأ وهل أبو مشاري في محل ثقة أم أن نهايتي ستكون بيده تنهدت وماذا سأخسر أنا في كلا الحالتين روحي معرضة للخطر فهنا من تلك الأدوية التي أتناولها وفي السجن التي ربما تتم محاكمتي بالإعدام مجدداً دعوت الله كثيراً أن يكون معي ويعمي أبصار من هم هنا ونخرج من هنا بسلام وألا يخذلني أبو مشاري ويكون محط ثقة ولا يذهب بي الى جحيم آخر شعور قاتل ألا تعرف لم أنت هنا وأين ستذهب ومع من ستذهب والأهم لم كل هذا؟ لا تفقه شيء تأتيك المصائب من كل جهة ولا ملاذ لك ولا أمان مع أحد مؤلم شعور الخذلان وعدم الأمان وأنك تعيش وتعايش أحداث لم تعاصرها ويخبرونك بأنك من فعلها وأنت لم تفعلها الظلم قاتل في كل مرة تٌظلم فيها تشعر أن جزء من روحك قد خرجت وأنك لم تعد كما كنت عليه سابقاً تلوث قلبك بعتمة ظلمهم فلم تعد ترى فيه شيء فالظلام دامس جداً أنت بنفسك لم تعد تعرف حتى ملامح وجهك؟ أصبح النور يعمي نظرك بعد أن كنت تهتدي به فقد اعتدت على الظلام رغم عنك. وهذا ما أشعر به فأنا لم أعد كما كنت قبل سنتين وكأني كبرت أعوام وسابقت جيلي بها غفيت على تلك الأفكار وقتها بعد غد اليوم الموعود لنا بالخروج كان في يوم الجمعة وكان يوم الجمعة كما لاحظت هنا أنه يكون الخروج للفناء من الساعة العاشرة إلى وقت الظهيرة عند خروجهم اقترب مني أبو مشاري وهو يقول استعد سنخرج بعد ساعة وذهب فوراً إلى مكانه بعد أن لا حظ اقتراب ممرضة منا كما هي العادة فهناك من تبقى معنا تراقبنا بين وقت وآخر لأننا لا نخرج في الفناء كنت أنظر إلى ساعة الحائط في كل لحظة فقد كنت مستعد للخروج فلا شيء معي سوى لباسي الذي ألبسه وعند وصول عقرب الساعة إلى الحادية عشر تماماً نظرت إلى أبو مشاري والذي هز رأسه بالموافقة ألتفت وإذا بالباب يقتحم علينا ودخول ممرض اقترب مني: أنت آسر استغربت دخوله فأنا لم اشاهده أبداً: نعم أنه أنا ألتفت إلى أبو مشاري والذي هز رأسه بالموافقة : أنه معي خرج لولهة وعاد ومعه لباس الممرضين وطلب منا ارتداءه ارتدينا ملابسنا وحلق أبو مشاري لحيته وطلب مني ذلك أيضاً خرجنا مع الممرض وقد كانت الممرات خلاف ماكنت اتوقعه فلم تكن ممتلئة يبدو لأنه يوم الجمعة الأغلب بإجازة والزيارات تكون ممنوعة في هذا اليوم نزلنا من الدرج الخاص بالطوارئ وفي آخر الدرج صٌدمت وأنا أرى عبد الرحمن هنا شدني أبو مشاري للخارج ولم يتيح لي الفرصة للسؤال خرجنا جميعاً وما أن تعدينا المساحة الكبيرة التي تفصلنا عن البوابة حتى صادفنا الأمن عند البوابة التي تؤدي بنا إلى الخارج كنا خلف الممرض رأيت يده من خلف وهي تمد إلينا بالبطاقات التعريفية وهو ينظر إلى الإمام أخذناها بهدوء وعند البوابة طلب منَا الحارس البطاقات اخذها بدون اهتمام وهو يرى أننا ممرضين ويبدو أنه يعرف الممرض صالح الذي ناده أمامنا وهو يسأله عن الأخبار وكيف العمل سلم عليه صالح وابتعدنا عن المكان من خلف المبنى تنهد صالح بارتياح وهو يلتفت إلى عبد الرحمن : لقد نجونا لم ننتظر طويلاً وإذا بسيارة تقترب منَا حتى التفت صالح علينا: هيا علينا الصعود إلى السيارة حالاً قبل أن يكتشفوا غيابنا ركبنا إلى السيارة وما أن جلست على مقعدي الخلفي ولم التفت إلى السائق وما أن جلست حتى صُدمت وأنا أرى المفتش حمد يسلم علينا هممت بالخروج لابد أنها خطة منهم وأنهم يريدون أن يذهبوا بي إلى مكان آخر لا يحق لهم التحكم بحياتي سأعود إلى المصح امسكني أبو مشاري وهو يقول: سأخبرك بكل شيء ولكن المكان لا يسمح لنا بالحديث دعنا نبتعد وأعدك سأخبرك بكل شيء قلت بغضب فقد خمدت فرحتي تماماً وكأنهم يتلذذون بقتل كل شيء يسعدني : يكفيني ما أصابني منكم ماذا تريدون إلى أين ستأخذونني الآن هل إلى مصح آخر أم دولة أخرى أم الى القبر وأفلت يد أبو مشاري عني وأنا ابتعد أريد العودة إلى المصح يكفيني أنني أعرف أني هنا والله أعلم بحالي وهو أرحم بي منهم سأعيش ما كتبه لي فتح الباب المفتش حمد وهو يلحق بي ويمسكني ويلفني إليه: آسر المشكلة أكبر مما تتوقع دعنا نذهب من هنا وأعدك أني سأخبرك بكل ما تجهله ولكن لابد من الذهاب سيأذن الآن ويخرج الجميع لا تدعهم يمسكون بك إن أمسكوا بك لن أستطيع انقاذك وقتها حتماً سيلقون بك إلى مكان آخر أرجوك لا تدعني أحمل ذنبك فلتو عرفت أنك برئ مما اتهمت به لم أصدق أن المفتش حمد ذو الطباع الحادة والقاسية يتوسل إليَ ويطلب مني الذهاب معه بهذا الأسلوب : وكيف لي أن أصدقك؟ تنهد: معك حق ولكن لا يوجد بيدي الآن شيئاً يبرهن لك صدق قولي غير أن صديقك خالد لم يمت : ماذا؟ : دعنا نذهب وسأخبرك بكل شيء وأنت تعرف وجهي إن كان هناك خطب ما أو أردت بك سوءاً أخبرهم عني وكأن لي حل آخر جميعهم يأخذوني إلي حيث يريدون لا مانع من المجازفة قليلاً أقلها استأذنوا مني أنهم يريدون الذهاب بي ركبت السيارة وقد انطفئ كل أمل بي التفت إليهم جميعاً كانوا يتحدثون بانتصار عما فعلوه واتضح لي أن عبد الرحمن لم يكن به شيئاً ربما كانت لعبة منهم أيضاً هذه المرة إلى أين سيكون مقري ربما الموت أو ربما جحيم آخر لا أحد يعرف مكاني حتى السباع رأيت المفتش حمد مبتسم ولأول مرة أراه هكذا وهذا انتصار جديد لقد أسقيتني من قسوتك ألم يشفى غليلك بعد يا الله ماذا فعلت بهم حتى يفعلوا بي كل هذا وكأن وجودي سبب في ضيق المدينة ألتفت إلى الشوارع ونحن نمر من أمامها مسرعين تلك الشوارع ربما تكون آخر مرة أراها رأيت أننا ابتعدنا عن المدينة ألتفت إليها من الخلف ودعاً مدينتي لقد ضاق وجودي بك |
|
11-06-2023, 06:23 PM | #22 |
|
رد: بلدتي ضاق وجودي بك .
ماعاد نعرف مين نصدق
|
وأنت في طريقك للبحث عن حياة، لا تنسَ أن تعيش. — محمود درويش |
11-06-2023, 07:02 PM | #23 |
|
رد: بلدتي ضاق وجودي بك .
ياليل مطولك
وين بتودينا معك بذي الروايه يرحم والديك اخلص علينا روسنا تزاحمت بالتوقعات ومع كل جزء تبعدنا كثير عن توقعاتنا للنهايه |
|
11-06-2023, 08:24 PM | #24 |
|
رد: بلدتي ضاق وجودي بك .
.
متـــــــــــــــــــآبع |
|
الكلمات الدلالية (Tags) |
بلدتي, وجودي |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|