الالعاب | أقلام مبدعة | اضافة خلفية للموضوع | إبداعاتِكم | قوانين مجتمع غلاك |
|
07-28-2023, 04:51 PM | #1 |
|
العبق الفردوسي الجزء الخامس والأخير :
ثم مضى ، وهو يقول : سألقي على مرابع أنسي وسروري النظرة الأخيرة ، وأملأُ من عبقها النقي رئتي ، وأمضي إلى ربعٍ ضم أجساد أحبابي ، وأتمرغُ فوق أجداثهم ، قبل أن ألبي النداء الأعظم ، الذي لا يرفض ، ولا يؤخر ! ثم يمم وجهه شطر الشارع العام ، ووقف أمامه قليلًا ، وهو ينظرُ إلى شجر البرسوبس بين الرصيفين ، والأثلة العتيقة التي تطل على الشارع العام من جهة الشمال –التي كان يلعبُ تحتها ، ويتسلق أغصانها مع أترابه- ، وقال –وله مغزاه- : أحشاءٌ تلتهبُ ! قلوبٌ تحترقُ ! أحبابٌ تُرْتَهَنُ ! أجسادٌ تَفْتَرِقُ ! نواقيسُ تُقْرَعُ ! جَوْزَاءُ تَتَّقِدُ ! ثم ركب سيارته ، ونظر إلى البقعة البعيدة التي ضمَّتْ أحباب قلبه ، ثم مضى ، وعيناه لا تريمان عنها ، وعندما وصل إليها ، وقف طويلًا ينظرُ إلى بابها ، متذكرًا ما مضى ، متأملًا فيما سيأتي ، ثم قال : أخشى ذلك الباب ، لقلة الزاد ، ووعورة السبيل ، ولا عمل لدي يؤهلني لرحمتكَ ، ورجائي بعفوك ورحمتكَ التي وسعتْ كل شيءٍ هي ما يتقدَّمني ! ثم رفع رأسه إلى السماء ، وقال : والذي لا إله إلا هو ، ما انسلخ يومٌ من عمري ، إلا وشعرتُ بضآلة الدينا ، وتفاهة أمرها ، وأنها العجوز المتصابية ، المثقلةُ بالتجاعيد التي تخفيها بالحليِ والحللِ التي ترتديها ! ترجل من مركبته ، ودلف إليها وجثا بين القبور مطأطئ الرأس ، ذارف العينين ، ورفع أكف الضراعة لله أن يتغمدهم برحمته ، ويرضى عنهم ، ويغيثهم بالروح والريحان ، والمغفرة والرضوان ! أطال الـجُثُوَّ والتَّضَرُّعَ ، ثم نهض وبدأ المسير بخطى وئيدة بين الرِّجامِ الخرساء –الواعظة أيما وعظٍ- ، وبقلبه يعتلج ما يعتلجُ ، وقال : للفقر العمل والسعي الدؤوب ! للسقم العلاج في المشافي –بإذن الله- ! للابتلاء الصبر ، والتضرع لله عز وجل ! فما للفقد المضني ، والرحيل الأبدي ؟! ثم جثا عند أحد القبور ، وأخذ بعض التراب ، وفركه ، وتركه ينسل من بين أصابعه ، ثم قال : علام خروجي من المنزل ؟! وإلام تقودني خطاي في ظلمة الدجى ؟! أمضي صوب موطنٍ ضمَّ أجساد أحباب قلبي ! وتقودني إليه خطاي -حنينًا- أما الأرواح ، فهي برحمة الله في روحٍ وريحانٍ ! أنسوا ببطن الأرض أكثر من ظهرها ! وألفوا الأموات أكثر من الأحياء ، ووجدوا من رحمة الله ، ورضوانه ، وروحه وريحانه –بإذنه- ما طمأنهم ، وتوقهم إلى تعجيل النشر ! نسوا القلوب التي أخذوها ، والأجساد التي أرمضوها ، والدموع التي سكبوها ، والتباريح التي أضرموها ! ثم سجد وأطال السجود ، وقال : اللهم يا من رحمته وسعتْ كل شيء ، يا من يتطاولُ إبليس غدًا لينالها –لعلمه ويقينه بسعتها- ، أسألكَ برحماتكَ المائة ، وبكل خفقة رحمة في قلوب البشر وغيرهم ، أن ترحم أحباءنا وأصفياءنا ، وأن تسكنهم الفردوس الأعلى برحمتكَ ! ثم خرج وركب سيارته ، ومضى وهو يقول : سبحان الحي الدائم الكبير المتعال ، سبحان الحي الدائم الكبير المتعال ، سبحان الحي الدائم الكبير المتعال ! hgufr hgtv],sd hg[.x hgohls ,hgHodv : hg[sl hgufr hgtv],sd |
أجهدني إلقامُ الحجارة ! أخذ مني مأخذه وبلغ مبلغه ! |
الكلمات الدلالية (Tags) |
الخامس, الجسم, العبق, الفردوسي, والأخير |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|