02-29-2024, 08:36 PM | #1 |
|
كم وددتُ !
تقادمَ عهده بمليكة قلبه ، فمضى صوب ملتقاهما عند شجرة الصفصاف فرأى المقعد خالٍ إلا من بعض الورق المتساقط ، والغبار الذي علاه ! طاف حول الشجرة ، ثم عاد إلى المقعد ومسح الغبار ، وجلس ونظر إلى حرفي اسميهما اللذين نَقَشَتْهُمَا على جذعها الضخم ، اللذين كاد يعفوهما تقادم العهد ! كان الحنينُ يستعرُ بقلبه ، والذكرى تموجُ بين حناياه ، فقال : لا تعلمين كم وددتُ لو غمرتكِ بالقبل من مفرق رأسكِ إلى أخمص قدميكِ وملأتُ رئتيَّ من عبق أنفاسكِ ! ولا تعلمين كم وددتُ لو اجتمعنا تحت شجرة أيكٍ في بستان أفيح وارف الظلال متفتح الأزهار جاري الأنهار مغرد الأطيار فتحتسين الشاي وأحتسي من رضابكِ ما يُنسيني ألم النوى وليال السهاد ثم تقضمين كعكة ثم تناوليني إياها وقد علق بها بعضاً من شهد رضابكِ وعبق أنفاسكِ مع بسمة تعلو محياكِ تفتر عن لآليكِ الغر فأتناولها ترياقًا لنأي طال أمده وسط السعادة التي تكتنفنا ! ولا تعلمين كم تخيَّلْتُ أنه ضمني وإياكِ سقفٌ واحدٌ ، فأداعبُكِ وأغضبُكِ –قاصدًا- فتشيحين فأدير محيَّاكِ العذب فأراكِ مقطِّبَة ، فتقولين : (عزو) وقبل إكمال الجملة أقبِّلُكِ فتنبسطُ أسارير محيَّاكِ العذب الجميل ، فأقبِّلكِ أخرى ، فيفترُّ ثغركِ العذب عن اللآلي ، فأرشفُ شهدها ، ثم أقبِّلُكِ ثالثةً وأتبعها برابعة حتى يُثْملَني الهوى ، ويغيِّبَني الشَّهْدُ ! ثم أطرق برأسه ، وقال : حين تستعر أتن الحنين أعزف عن الطعام كما هو الحال في كلِّ مَرَّةٍ ولكن الذي استجد الآن انصرام الريعان ، تداني الخطى ، إرْهاقُ الكاهلِ ، شيخوخة القلبِ ، إدْنَافُ الجسد ! ثم اتكأ على المقعد ، وأجال ناظره بين أفانين الشجرة والطيور التي تغرِّدُ ، ثم قال : هأنذا أُناجي ذكراكِ ، وأبثُّها تباريح الهوى ، وإدناف الجوى ، وعيناي ترقبان أفول الشمس نحو الغروب ! فهل تأفلُ الشمسُ ويخيِّمُ الغسقُ دون شمسٍ تبزغُ وبدرٍ يكتملُ ونجمٍ يضيءُ ؟! فيما مضى كان أنيسي القلم والتذكر والمضي مع الأماني عنكِ ، أما الآن فقد جفاني القلم وجفوته ، وعزَّتِ الأماني ، ولانتِ القناةُ ، وضَعُفَ الزَّنْدُ ! ثم نهض واتجه إلى جذع الشجرة ومرَّرَ يده على الحرفين ، وقال : لا أؤمن بالكثير من ترهات الفلاسفة ، لكنَّ تفسيرهم للحنين الداهم المفاجئ أبهجني لأنه عنكِ ومنكِ ! ثم نهض ومضى صوب الشمس المائلة للغروب وعيناه لا تريمان عنها ، وهو يقول : سأحتفظُ بتلك الليالي والأيام والحنين المدنف ذكرى أتبلغُ بها في هذا السبيل الوعر ، والوحدة الممضة إلى أن تغرب الشمسُ ويأفلَ القمرُ ، وتغورَ النجومُ ! وليدة اللحظة 19/8/1445 هـ 7:39 مساءً . ;l ,]]jE ! |
أجهدني إلقامُ الحجارة ! أخذ مني مأخذه وبلغ مبلغه ! |
03-01-2024, 02:38 PM | #2 |
|
رد: كم وددتُ !
،.
ما شاء الله بوح وليد لحظة عَبِق بعبير الحبّ والحنين نصّ ثري بالمشاعر وبالمفردات الجميله أخي عبدالعزيز صحّ نبضك وسلمَ المداد |
|
03-01-2024, 04:26 PM | #3 |
|
رد: كم وددتُ !
أختي الموقرة راما : مرورٌ أينعتْ له أفانين السرور وجرتْ جداول الأنس (أسعدكِ ربي ورضي عنكِ) .
امتناني الجم . |
|
03-01-2024, 07:37 PM | #4 |
|
رد: كم وددتُ !
ولا تعلمين كم وددتُ لو اجتمعنا تحت شجرة أيكٍ في بستان أفيح وارف الظلال متفتح الأزهار جاري الأنهار مغرد الأطيار فتحتسين الشاي
صدقا ي (عزو ) اخذتنا معك في رحلة الحنين تلك من البدايه حتى النهايه مع انها رحلة حنين موجعه الا انك عبرت عنها بطريقة اكثر من جميله استمتعت بالقراءة جدا عباراتك قويه وبها الكثير من الجرأه واسلوبك يجذبنا للقراءه راقت لي جدا هذا وهي وليدة اللحظه... فكيف ي ترى لو تكن كذلك! تستحق الختم وال 500 نقطه ننتظر المزيد من الابداع |
|
03-02-2024, 05:38 AM | #5 |
|
رد: كم وددتُ !
قلم مبهر ، باذخ بلغته ومفرداته
بداية من العنوان الي تناسب مع الذكرى والتي وضحت مع تعاقب اليطور أنهم تفرقوا قبل أن يعيشوها اتحفظ على الجرأة في النص وهذا طبعا لرأي شخصي لا أكثر والذي فعلا لا يحتاجه النص فجمالية اللغة والمشاعر هنا تكفي واكثر تحياتي ^^ |
|
03-02-2024, 09:33 AM | #6 |
|
رد: كم وددتُ !
استغفر الله العظيم ! ثم عذرًا إليكم جميعًا ، فقد كُتبتْ في لحظة ضعف ، مع أن كتب الأدب تزخرُ بمثل هذه المعاني !
|
|
الكلمات الدلالية (Tags) |
وددتُ |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|