مجتمع غلاك - هاجر وصراع النفس ..

ً
ً

تقول هاجر :

"بتكلم عن شيء مسبب لي صراع
ودائمًا اعيش في خوف بسببه
أخاف من نفسي
اخاف أكرر الأخطاء الي ارتكبتها بالماضي
العالم صار مخيف
الحرام صرنا نشوفه قدام عيوننا وكأنه حلال !
مرات صوتي الداخلي يقول :
" خليني أجرب الحياة مره وحدة
وأنتي مش بعمر صغير حتى تظلين محبوسة ! "
فجأة أتعوذ من الشيطان ..
قبل كم يوم وحدة قالت لي:
أنت ليش ما تدخني ؟
قلت لها ما أحب + عندي ربو
قالت لي انت مو عايشة !
ما أعرف هل بعض الناس
يشوفون البنت الي ماتدخن
ولا تروح وتطلع مع شباب مو عايشة حياتها !

أقدر أسوي الحرام بسهولة
أمتلك كل الطرق المتاحة ..
لكن ضميري حي يخاف من الله
ولوم النفس وخيانة الأهل !

الله يغنينا بحلاله عن حرامه ..
ويبعدنا عن رفقاء السوء
حقيقي الدنيا صارت تخوف "

واقول :
الحقيقة هذه المشاركة
تستحق التوقف عندها
وتأمل كل تفاصيلها ‏..

هاجر ليست ملاك نزل من السماء
وليست معصومة ولا هي مستثناة

هاجر بشر تصيب وتخطئ
لها مشاعر واحاسيس
لها مزاج وميول
لها قلب وروح وخيال
لها طموح واحلام
مثلها مثل اي انسان

هاجر تعاني مثلنا تماماً
من الفتن وسهولة الوصول اليها
من الاغراءات والشهوات والشبهات
من اصحاب السوء واهل الغواية
من الانحراف الاخلاقي في المجتمع
وانحدار القيم وتفسخ المبادئ

نعم تعاني ونعاني جميعاً من ذلك
لكن يبقى ان هاجر باحت بما نعانيه
وصرخت بالحقيقة في وضح النهار
وتحدثت بلساننا جميعاً

وقالت بانها في صراع وتدافع
وفي حرب شرسة مع النفس
ضد المغريات والشهوات
والشبهات واصحاب السوء
وهذا الصراع دليل ايمان وخوف من الله
ودليل ذات اصيلة كريمة
لا تقبل الانحدار او السقوط
الى قاع الرذيلة والخزي

هاجر ليست استثناء
انما هي كالمتحدث الشخصي
عنا جميعاً وعما نعانيه حقيقة

هاجر رفضت الاستماع
لصوت النفس الخفي
ووسوسة الشيطان الرجيم
ولم تقبل ان تكون لقمة سائغة
للشهوات والهوى والشيطان
بل وقفت بكل شجاعة
واعلنت انها تصارع وحش الهوى
وتداعيات النفس الامارة بالسوء
وبينت انها محاطة بسياج قدسي
من الايمان والتربية الصالحة
والضمير الحي والنقاء والطهر
لكنها تخشى اقتحام الاعداء
في لحظة ضعف عابرة
وتخشى ان تنهار كل الحصون
مع اشتداد الفتن وتكالبها

واقول لها ولي وللكل :
كان رسول الله يدعو
في كل سجود ويقول:
اللهم يا مقلب القلوب والابصار
ثبت قلبي على طاعتك
هذا وهو المعصوم
ويدعو بالثبات الدائم
فكيف بنا نحن ‏..!

ومن هنا ندرك ان القلوب
تتقلب وتتغير وتميل
ولا تستقر على حال واحد
وكان لازماً ان نتعهدها
بالدعاء وتجديد الايمان
وتصور الموت والجزاء
وان نعلم اننا في دار ابتلاء
ولابد لنا من المجاهدة
ومصارعة شهواتنا ورغباتنا
والانصراف عن كل فتنة
والابتعاد عن رفقاء السوء

التربية الحسنة الوالدية
هي اساس متين
قد تمنع الانسان من الوقوع
في براثن الفتن والانزلاقات
لكنها لا تكفي لوحدها
اذ لا بد من مساندات
تعضدها ضد الفتن
ومنها الصلاة والمحافظة عليها
واستشعار نظر الله الينا
والتفكير في العواقب
وسوء المصير والفضيحة

وان تكون النفس ارقى
واكبر من التدنس
او الرضى بالذنب
لا سيما وانه ذنب له تنائجه الوخيمة
فكم من شباب وشابات
وقعوا ضحية الهوى والشهوة
ثم تجرعوا الم الفضيحة والعار
ولازمهم الندم والقلق
والعذاب النفسي
حتى انتحر من انتحر
ومرض من مرض
وانقلبت حياتهم من نعيم
الى شقاء وهم ونكد

انا لا اتحدث بمثالية
كما اني لا اتحدث عن هاجر فحسب
بل اتحدث عنا جميعاً
وكلنا اهل تقصير وذنوب ومعاصي
ولكن لا يمنع ان نساند بعضنا
ونقوي بعضنا وننصح بعضنا

وعلى ذلك يجب ان نبقي
هاجس الصراع قائم
لانه هاجس ايماني شريف
ويجب الا نتراجع او ننهزم
وان نفر الى الله وندعوه
ان يعصمنا ويحفظنا ويسترنا ..

ِ